القدس | في إنجاز قانوني آخر على صعيد الدفاع عن المقدسيين في مواجهة سياسات التهجير التي تستهدفهم، تمكن مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس من استرجاع هويات المواطن المقدسي هيثم العلمي وعائلته والتي سحبها الاحتلال منهم عام 1994م، بحجة السفر خارج البلاد والاستقرار في أمريكا لبضع سنين.
لم يتوقف العلمي منذ عام 2005م عن ملاحقة الأمر قضائيا في مسعى لاستعادة حقه وعائلته في العيش في مدينتهم، الا ان هذه المحاولات قد قوبلت بالرفض من قبل الداخلية الاسرائيلية، وازداد الأمر تعقيدًا عندما رفضت الداخلية تسجيل اطفاله، حارمة اياهم من التمتع بأدنى الحقوق التي كفلتها جميع المواثيق الدولية والانسانية، ولتشردهم داخل مدينتهم في مسعى لتهجيرهم منها.
في عام 2017، توجه العلمي إلى مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس، والذي يتخذ من البلدة القديمة مقرًا له، للحصول على الدعم القانوني المجاني الذي يوفره المركز لآلاف المقدسيين الذين يواجهون مختلف أشكال التمييز وسياسات التهجير، والذي قام بدوره ومنذ اللحظة الاولى لتقديم الطلب بمتابعة ملفه وأسرته أمام الداخلية، والذي قوبل مرة أخرى بالرفض من قبل الوزارة بحجج وذرائع مختلفة.
على إثر ذلك، قام المركز والذي يضم طاقم من المختصين المتميزين في مجال سحب الهويات ومواجهة سياسات التهجير، برفع استئناف أمام الداخلية يطعن بقانونية قرار الرفض، إلى جانب سلسلة من الإجراءات القانونية الأخرى التي قام المركز بتنفيذها على مدار العامين الماضيين، الأمر الذي قاد بالنهاية إلى قبول الملف ومنح العلمي الإقامة وإصدار هوية له.
رئيس جامعة القدس أ.د. عماد ابو كشك كان أول من هنأ المقدسيين على هذا النجاح الكبير، مشيرا إلى أن هذا الإنجاز يدلل على الدور المجتمعي الذي تقوده جامعة القدس، وتنفيذا لرؤية واستراتيجية الجامعة في خدمة المقدسيين وحمل همومهم وآلامهم انطلاقًا من مسؤوليتها الاجتماعية التي أخذتها على عاتقها تجاه المدينة وأهلها، وسعيها للمساهمة في توفير الحلول للمشاكل المختلفة التي تواجه مجتمعها المحلي على مختلف الأصعدة.
وأشار أ.د. أبو كشك إلى أهمية إعادة توجيه البوصلة العربية والعالمية نحو القدس ودعم الثبات الفلسطيني فيها، فجامعة القدس هي الجامعة العربية الوحيدة التي تقع في قلب القدس والتي تضم عدة كليات ومراكز تقع معظمها في القدس وتشارك المقدسيين همومهم اليومية وتدافع عن حقوقهم الأساسية من أجل العيش بكرامة وحرية، ومواجهة السياسات المجحفة بحقهم كمسألة سحب الهويات التي طالت اكثر من اربعة عشر الف مواطن مقدسي وحرمان ما يقارب عشرة آلاف طفل من تسجيلهم كمقيمين في القدس.
ومن جهته أبدى المواطن هيثم العلمي سعادته الغامرة بهذا الانجاز، مقدما شكرة لجامعة القدس والتي تابعت الموضوع من اللحظة الاولى، مشيرا الى أن الفرحة الكبيرة يهديها لأطفاله الذين أعادت لهم الجامعة حياتهم ومستقبلهم .
وقد أخذت جامعة القدس على عاتقها مسؤولية كبيرة تجاه المحافظة على المدينة وتعزيز ثبات أهلها فيها، الأمر الذي قاد الى فوزها في المركز الأول المسابقة الدولية التي استضافتها الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 2017م حول المسؤولية الأجتماعية، وتصنيف جامعة القدس كالجامعة العربية الأكثر التزاماً وتأثيراً تجاه مجتمعها، وتجلى هذا بمبادراتها التي تقودها في البلدة القديمة في القدس من خلال مراكزها المتعددة والتي تقدم الخدمات المجانية، كمركز العمل المجتمعي الذي تمكن من اعادة لم شمل عائلة العلمي في مدينتهم وحماية حقهم في العيش فيها.
يذكر أن جامعة القدس بادرت لتأسيس مركز العمل المجتمعي بهدف تمكين المجتمع الفلسطيني بالقدس من استخدام كافة حقوقهم حيث يعزز المركز معرفة الفلسطينيين بحقوقهم وحرياتهم المدنية وبالتالي يساهم هذا الوعي الفلسطيني بحل المشكلات من خلال السبل القانونية، وتشير الإحصائيات إلى أن مركز العمل المجتمعي ومنذ تأسيسه عام 1999 قدّم أكثر من 14 ألف خدمة قانونية للمقدسيين في القدس الشرقية، حيث يعمل مركز العمل المجتمعي على تعزيز دور الأفراد والمؤسسات الأكاديمية والأهلية في تنمية وتطوير وتمكين دور القطاعات السكانية المختلفة في المجتمع المقدسي خاصة والفلسطيني عامه، وتحسين قدرتها للوصول إلى حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية وحمايتها وتنظيمها لإحداث تغيير في الحياة الاجتماعية القائمة.